الصفحة الرئيسية > دعوة للتأمّل > أفريقيا وقمّة الثمانية الكبار: هل من جديد؟

أفريقيا وقمّة الثمانية الكبار: هل من جديد؟

africa

By: Mark Renzetti

 

أودّ اليوم الحديث عن قمّة الثمانية[1] التي انعقدت منذ أسبوعين في مقاطعة آكويلا[2]، فيما يتعلّق بمشكلات القارة الأفريقية؛ حيث أنّ أعضاء القمّة الثمانية مضافا إليهم مجموعة الخمسة (الصين، الهند، البرازيل، المكسيك، وجنوب أفريقيا) قد خصّصوا لها في إتّفاق عام، رقما من 20 مليار دولار أميريكي لمّدة ثلاثة أعوام.

وصودق في نفس الوقت على إعلان المياه، ووفقا لمصادر القمّة، فإنّها المرّة الأولى التي يتوافق فيها الثمانية الكبار مع بلدان القارة الأفريقية على نصّ اتفاق، لم تكن المصادقة عليه محسومة ً إطلاقاً، لأنّ موضوع استغلال مصادر المياه، مايزال موضوعا خلافيا، بالإضافة إلى أنّها المرة الأولى التي تُشرك فيها البلدان الأفريقية بشكل كامل في اتّخاذ القرار، وتمّت تلك المصادقة عقب فطور عمل لقادة الثمانية مع قادة: الجزائر، أنغولا، مصر، إثيوبيا، ليبيا، نيجيريا، السنغال، جنوب أفريقيا، بعثة الإتحاد الإفريقي، وكالة الطاقة الدولية، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة العمل الدولية، منظمة الأمن والتعاون الأوروبيّة، منظمّة التجارة العالمية، والأمم المتّحدة.

هذا ما أنُجز بخصوص أفريقيا، هل ينبغي أن نكون راضين؟؟

لا، بكلّ تأكيد؛ هذه البوادر لاتعدو كونها رمزية، وهي مجرّد فتات رُمي لقارّة عانت من الأزمة الإقتصادية أكثر بكثير ممّا عانينا، وليس فقط جرّاء الأزمة الإقتصادية، القارة الأفريقية (والأفارقة) تعاني من سوء التغذية (203 مليون)، العطش (…)، الأمراض (تبلغ وفيات الإيدز لعام 2007: 25000 في شمال أفريقيا، و 1.6 مليون في جنوب الصحراء الكبرى)، والحروب الأهلية، الخ…

تلك المليارات العشرين تعادل ماقيمته 50 سنتا لكل أفريقي في الشهر الواحد لثلاثة أعوام، ويبدو لي صعبا جدّا البقاء على قيد الحياة اعتمادا على هذا  الكمّ القليل من السنتات، والأنكى من ذلك أنّه لم يُستوعب حتى الآن بأنّ الأموال "السائلة" لا تفيد شيئاً، أو بالأحرى تفيد، لكن فقط تلك الدائرة الضيّقة المحتكرة للسلطة، دون أن تفيد الناس العاديين، الذين يحتاجون غير ذلك، فهم بداية ً يحتاجون للطعام والماء وكلّ ما يتعلّق بهما (…، آبار، …)، ويحتاجون إلى التعليم، والثقافة من خلال مدارس تعلّم قيما نظرية كالسلام، التضامن، التشارك، والديمقراطيّة، لكنّها تعلّم أيضا قيما عمليّة كتقنيات الزراعة، وتخصيب الأرض بطريقة أكثر إنتاجية، نظم الريّ، بناء واستعمال الطواحين، …، …، … .

وهم يحتاجون أيضا لحملات وقائية ضد الأمراض التي تنتشر بالإتصال الفيزيائي أو عبر طرق شخصية – صحيّة (الإيدز مثلا)، وينبغي تعميم تلك النشاطات، بالإضافة إلى المدارس، على كلّ المجتمع لكلّ دولة على حدى.

مايمكن أن يقدّمه الآخرون في العالم (عدا عن المصائب المالية) قد يكون على شكل خبراء، أساتذة، أو باحثين يعلّمون أفراد تلك الشعوب، بغضّ النظر عن الطبقة الإجتماعية التي ينتمون إليها، تقنيات عملية تساعدهم على إنتاج ما يحتاجونه بانفسهم.

لا أعتقد أنّ هذا مستحيل، وإنّما الرغبة أو المصلحة في مواجهة المشكلة من جذورها غائبة، بكل بساطة؛ فحتّى الآن هناك الكثير من المصالح في القارة الأفريقية التي تقف ورائها شركات متعدّدة الجنسية غربية وشرقية، عبر إمبريالية جديدة، ولاأحد يرغب في التخلّي عن تلك المصالح.

لن تنتهي مشكلات القارة الأفريقية ما لم يضع الأفارقة أنفسهم، حدّا لها، لسوء الحظّ الأمر هو على هذا النحو.

لكنّ هذا لايعني أنّ العالم ينبغي أن يكتفي بدور المشاهد لتلك المشكلات. الغرب ينبغي أن يدفع ثمن أخطائه الماضية بمساعدة كل دولة أفريقية على النضج في كافة الأصعدة الإقتصاديّة، المدنية، والإجتماعيّة.

ينبغي علينا تزويد أفريقيا بالأدوات اللازمة لبناء قارّة أفضل، هذا من حقّنا كما هو واجبنا.

في قرية معولمة كما هو حال عالمنا، أيّ شيء قد يحدث في أفريقيا سيؤثّر علينا مباشرة أو بشكل غير مباشر، ولدينا الكثير من الأمثلة على هذا.

لذلك ولكي نساعد أفريقيا فعليا ينبغي تقديم المزيد من الدعم التقني والعملي، بالإضافة إلى مبالغ مالية أضخم.

تمنيّاتي الحارّة بأن تكون هذه القمّة قاعدة ً لإنطلاق أفريقيا جديدة، أكثر حريّة، أكثر عافية ً، وأكثر سيادة ً، وألا تكون مجرّد حجر يتيم لهرم يحتاج إلى صخور كبيرة وكثيرة.


[1]  -  وتتكوّن من : الولايات المتحدة الأميريكية، اليابان، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتّحدة، إيطاليا،روسيا، وكندا.

[2]  – إيطاليا – المكان الذي ضربه زلزال شديد منذ حوالي ثلاثة أشهر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات أخرى بفلم مارك رينزيتّي:

الإنتخابات البرلمانية الأوروبية: هل من خطر؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظات خاصّة بالترجمة:

1. التزمت بترجمة تراعي نقل الفكرة، بصياغة عربية واضحة وغير ركيكة قدر الإمكان، وهذا يعني أنّ الترجمة غير حرفية!
2. للإطلاع على المقالة الأصلية (إيطالية) اضغط
هنا
3. إذا مارغب أحد ما، من الزوّار الكرام، بتوجيه تعليق للصديق مارك، يستطيع ذلك بإحدى اللغتين: الإيطالية أو الإنكليزية، بالإضافة إلى العربية التي سأقوم فيها بدور الوسيط!


التصنيفات :دعوة للتأمّل
  1. باسل
    31/07/2009 عند 2:30 صباحًا

    القارة الأفريقية ومشكلاتها التي لاتنتهي، كانت وماتزال وصمة عار على جبين الإنسانية، وفي حين يعيش غالبيّة سكّان الأرض متنعّمين، إلى حدّ ما، بإنجازات العلم، تقبع هذه القارّة في ظلمات مرعبة..! القارة الأفريقية ستبقى شاهدا على غياب فظيع للعدالة في عالم يدّعي التمدّن، على حضارة تدّعي الإنسانية…

    في هذه المقالة، وعبر الصديق مارك، حاولنا أن نساهم بتسليط الضوء على هذه البقعة المنسية التي يبدو أنّ وعينا العربي لايكترث لها، لنحاول على الأقلّ التعبير عن اكتراثنا لحالها، ووعينا لكارثية الوضع هناك.. بالرغم من المشكلات التي نعيشها نحن أيضا، ليست فلسطين أوّلها، ولا العراق آخرها..
    ويبقى الأمل بتدخّل فاعل للمجتمع الدولي لتنمية هذه القارّة والتعويض عن سنوات طويلة من التجاهل، والاستغلال المجحف..
    شكرا لك مارك على هذا التحليل الجميل، وأهلا بك من جديد.

    Basel

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق